الأربعاء، 23 ديسمبر 2015

النيــل منبع الحيــاة فى مصـــــــر = الأديب / الشاعر فوزى فهمى محمد غنيــــــم - تحياتى جدو عبدو

النيــل منبع الحيــاة فى مصـــــــر

المصريين الاوائل ، اولئك الناس الذين عاشوا فى هذه المنطقة قبل التاريخ
بأزمان طويلة . قد تحدوا الطبيعة فى أقسى وأعتى ما مر بها من تقلبات
وتغيرات فى عصر يسميه علماء الجيلوجيا ، عصر الجليد ، حين حدثت تغيرات 
فى مواقع الكواكب أدت الى ارتفاع مد البحار فى شمال الارض ، فطفت
مياهها تحمل الجليد على الارض ، وزحفت من الشمال الى الجنوب ، فغطى 
الجليد وتراكم فوق اجزاء فسيحة من أفريقيا وآسيا ، وقضى على ما فيها
من نبات وحيوان ، وأنزل بها عصراً آخر هو (عصر الجفاف) ففر من يعيش
فيها من الناس من شتى ما حولهم من الآفاق وارجاء الارض ، يلتمسون
النجاة والبقاء .. الا منطقة واحدة لم يهرب أهلها ! .. لقد بقى أهلها فى
أرضهم التى عرفت بعد هذا عبر التاريخ باسم (مصــــر)! بلاد وأقوام وقبائل
كثيرة تمتد على ضفاف النيل ، وحول الانهر التى تصب فى النيل ، وعلى
الروافد التى تتفرع من النهر الكبير.. لقد هب اولئك المصريون الاوائل يتحدون 
الطبيعة ، ويخترعون أول وأهم اختراع للانسان قديماً وحديثاً وهو النار ..
وتوليد الحرارة .. ثم يخترعون الثياب يصنعونها من أوراق الشجر أو من جلود
الحيوانات .. ثم يخترعون الزراعة بعد ما استطاعوا أن يثبتوا فى الأرض
دافعوا وصدوا عنها الجليد الزاحف من الشمال.. ثبتوا فى أرضهم وأخذوا
يزرعونها ، ويأكلون مما تنبت الأرض ومما تصنع أيديهم ، ثم أخذوا ينظمون
أمورهم ويدبرونها .. وعندئذ بدأت الحضارة الانسانية ، وبدأ التاريخ . وفى تلك
المرحلة الطويلة التى امتدت آلافا من السنين كانت الاقوام الاخرى تهيم فى 
أرجاء الارض .. فمنها ما باد واندثر .. ومنها ما تحول الى رعاة رحل ، أو تحول
الى قناصة يصيدون الوحوش والحيوانات ! وهناك شبه واضح بين هؤلاء
القوم المعاصرين الذين يعيشون فى أقصى مناطق الجنوب من السودان
وبين قدماء المصريين ..شبه فى القوام والسمت ونسب أجزاء الرأس ، وفى 
الملبس .. بل وفى اللغة أيضا !.. ويبدو أن النمو الاجتماعى عند القبائل التى
تقطن أعالى النيل وقف عند موضع تمكن فيه المصريون من اجتيازه قبل
العصور التاريخية . ومع هذا كله . أفليس النيل منبع الحياة فى مصـــر ، وانه
لولا هذا النهر لكانت مصر جزءا من الصحراء الكبرى . ولكن اذا كنا قد ضغطنا
على دور الانسان المصرى وفضله الذى لا يمكن ان يجحد أو ينال منه ، فأن
من الاتزان العلمى ان نذكر ان ذلك انما تم فـــــى (مصـر النيل ) بشكل
معطياتها الطبيعية المعروفة من مائية وتربة ومناخ وحماية .. وبديهى أنه لولا 
النيل لما كانت تلك الخامة الطبيعية التى عمل فيها المصرى بجهده الخلاق
.. ونحن فى غنى عن أن نتساءل عما اذا كان من الممكن للمصرى أن يكون
على الاطلاق ، فضلا أن يخلق حضارته تلك ، قل على مسافة مائة ميل مثلا
الى الشرق أو الغرب من النيل .. ( ان مصر هبة النيل طبيعيا .. وهبة
المصريين حضاريا..) ان بيئة النيل هى الخامة ، والمصرى هو الصانع ..
الحقيقة الكاملة ان هاهنا زواجا موفقا سعيداً بين البيئة والانسان . بين
التراب والتراث ، والحضارة المصرية السابقة هو الثمرة الطبيعية لهذا الزواج . 
ان مصر هبة مشتركة بين النيل والمصريين .

الأديب / الشاعر
فوزى فهمى محمد غنيــــــم
اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي