الاثنين، 28 ديسمبر 2015

بيت الجنون = بقلم عبدالحق الشرعي --- تحياتي جدو عبدو

بيت الجنون
“”””””””””””
منحتْ دموعُـكَ السخيَّـة للأوتار نغمـة شجية
صرتَ عصفوراً حاملاً على صدرِهِ
وتحت ريشه حرارَةَ العشية 
سرتَ في شوارع المدينَةِ العتيقة حيـن يحُلُّ الظَّلام
كالغريبِ يَجـوبُ في حكاياتٍ بلا نهايـة
يهبُّ فوق وجهِك ريحُها .. تجولُ وحـدَك
يَسـري ظِلُّكَ فيلْتَوي على الجُدران
يَنْطَوي حولَ المنازل .. أنتَ القمر
كان لَكَ صاحـب ماتَ قبل أن يمـوت
ولم يَعُدْ لِرُوحِكَ الخفيفـة غير جِسْمِكَ العتيـق
وفُتُوَّ تِـكَ العنيفة التي وَرِثْتَها .. حَمَلْتَهَـا..
وسرتَ واضعاً يَدَيْكَ على صَدْرِكَ
أيُّهـا القمـر على النَّوافذِ المفتوحة
وعلى السَّاحِلِ الذي عَمَّرَهُ العابرون
وعلى ناطحات السَّحـاب
وفوقَ الأسواق حيثُ يستريحُ التجَّـار
أيُّهـا القمر كُـنْ لي !
فَلَمْ يَعُدْ لديَّ غير جسمك الصَّامـد
لأَسْتَـرِدَّ هـذا الضَّريح وأَسْتَـرِدَّ هـذه الشَّوارع
التي خَسِرْتُها في السِّلْم مرتيـن
تسيـرُ وحدَكَ بيـن ما تَدَلَّـى من الأمانــي
والصُّراخ والدِّماء فوقَ رأسـك
تسيـرُ وحدَكَ حُـرّاً قابضاً على أسرارِ لوعتـي
كأنك طائِـر يُحلِّـق على الأزقة الضيِّقَة وعنائِهـا
تُديرُ وجهَـكَ نحو مَسْكَنٍ مُغْلَـق
والخوفُ يَحْجُبُ الفضُـولَ في عينيـك
ثم تَنْحَنِـي لكي تُرَاقِبَ الآتي والنَّائي
وارتقيْتَ ورقةً بيضـاءَ شالَتْهَـا الرِّيــح
فَوْقَ فضاءٍ حزيـن
كلُّ شيءٍ يحومُ حولَكَ ويَخْتَفِـي..
وكان في طريقِكَ ثُلَّة من الحـرَّاس
خَلْفَهُم يسيـرُ حارسُ المنطقة يكـادُ يمحي آثارَها
جاورتَ النَّهـر والجبل حيث كنتَ كاسياً ثـمَّ عاريا
تشِفُّ مثـلَ نَسْرِ الجـوِّ مـن دُؤَابَةِ السَّمـاء
كيف قيَّدوك بالموت وهي سِرُّكَ الجميـل..؟
كيف أَسْدَلـوا يديـك..؟ يا وحشـةَ الغريب
الرَّجلُ المُسِـنُّ لم يزل واقفـا يمـدُّ كفَّـه
إلـى الذي يَمُـرُّ قُربَـه مُواريـا
ربمـا واصلتَ الحديث مع نفسـِك
عـن المسارِحِ الفارغة ومعارض الأسواق
بعد أن تقاسموها بالتَّساوي
ولم يَكُنْ يُصِرُّ حارسُ المنطقة
فوقَ خشبةِ المسرَحِ القشيب
يرفَع صورةً كبيرةً لِسَيِّد مسرحِ المدينـة
عينَـاه تلمعانِ نعمةً وطربا
وفوقَ خَـدِّه اللِّحيةُ قد تراكَمَتْ
وفي فَـنِّ الكسبِ الخسارة حين تختفي العبـَارة
لم تَكُنْ مهرِّجـا أو ممثـلا راقصـاً على الحِبـال
تحـوم من يميـن الأرض إلى الشمـال
سـرتَ خائفـاً كأنَّـكَ مطـارد
وليس لكَ سـوى الوحـدةُ من مَـلاَذ
والبشـرُ حولك تجَمَّعُـوا
مـن قال أنَّـك رغبـتَ أن تحيـا فريـداً؟
وتمـوتَ فريـدا؟
أنت الـذي لم تَنَمْ عينُـك وليست هـذه رغبتُـك
من جاء بِكَ ذرَّةً في بيـتِ الجنـون.
“”””””””””””””””””””””””””””””””””
بقلم عبدالحق الشرعي
اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي