رجل الحكمة = المحامية رسمية رفيق طه -- تحياتي جدو عبدو

===بسمة الصباح====

--------

رجل الحكمة

---

في الشتاء القاسي وعلى تلة قريبة من القرية خرجت 

سيدة مع طفلها الصغير لجمع أعواد من الحطب لكسر 

برودة غرفتها المملوءة بقطع الثلج ولكن التعب أخذ من 

جسدها النحيل فجلست تستعيد جزءا من قواها التي 

انهارت بسبب الجوع والمرض والبرد حتى رأت من بعيد 

عربة تجرها خيول ثلاثة يقودها رجل كبير في السن كريم 

الخلق طيب النفس نقي الوجه فوقف ونزل وسألها –هل 

أستطيع أن أقدم لك المساعدة -ولماذا أنت خارج المنزل 

والمطر يتساقط بغزارة –ألا تخشين مرضا أو تملكين شيئا 

من الخوف على هذا الطفل

أعذر فقري وحاجتي للدفء -خرجت من المنزل بعد أن 

جلدني الجوع والبرد –قاومت ألم البطن وصراخه للطعام 

ولكني ضعفت أمام البرد فخرجت أجمع الحطب عسى 

الدفء يخفف من ألمي وألم أبني –حسنا أيتها المرأة الطيبة 

هلمي لتركبي العربة لأضعك في منزلك وإن شاء لله سوف 

أساعد ك وفعلا ركبت المرأة العربة وبدأت حوافر الخيل 

تشق الأرض وتكسر الثلج وكأنها تريد الانتقام لتلك السيدة 

ولكن لم يمضي وقتا طويلا على السير حتى بدأت المرأة 

تصرخ من البرد وبدأت أقدامها تتجمد وأوشكت على الانهيار 

والركون إلى النوم فما كان من الرجل إلا ودفعها خارج 

العربة ليتابع طريقه وهنا أحست المرأة وأدركت بأن أبنها 

مازال في العربة وهو يصرخ خوفا ورعبا مما شاهده فما 

كان منها إلا ووقفت وانطلقت تجري وتجري لتلحق بمن 

سرق أبنها وهي تصرخ وتبكي وتتوعد وتنادي الرجل ولكن 

العربة تسير والرجل يدفع بالسوط ليحفز الخيل على 

السرعة والمرأة تزيد من سرعتها حتى توقفت العربة فجأة 

ونزل الرجل منها ممسكا بالسيدة ليقول لها: ---لقد قسوت 

عليك لأنقذك من موت محتم لقد رأيتك تتجمدين من البرد 

وبدأت ترغبين بالنوم وهذا يؤدي إلى الموت فما كان من 

تصرف سوى ذاك لأعيد إليك حرارة الجسد بالجري وراء 

طفلك ----

قصة من الخيال أردت القول فيها بأنه لا يجوز إطلاق الإحكام 

جزافا على الآخرين قبل الغوص في عمق الأمور أو الوقوف 

على الحالة بشكل كامل كما إن الحياة لا تقاس بمظهرها 

لأن الأختلاف بين الظاهر والباطن أمر طبيعي وقد لا 

يتوافقان وأن قسوة الجراح في بتر الأعضاء هي رحمة 

وشفاء يجري في ظاهر القسوة-

---

صباح الخير

---------

المحامية رسمية رفيق طه

---------