الاثنين، 9 مايو 2016

العودة الى الغربة..... قصة قصيرة . محمد ابو الفتح -- تحياتي جدو عبدو





العودة الى الغربة

..... 

قصة قصيرة . محمد ابو الفتح




بدأت الرياح تصيح وتعوي, وبدأت الأشجار ترتجف, والأوراق 


تتطاير , والثمار تتراقص


في نشوى إستعداداً للرحيل مع الرياح في رحلة إلى 


المجهول,منها من تلتصق بالشجرة الأم


ترفض أن تنتزعها منها أيدي الرياح التي تشعر بها ولا 

تراها, وكأنها يد لعملاق خفي أتى

من مكان بعيد غريب ليفرق بين الأم وأولادها, ومنها من 


إستسلمت للرياح تتلاعب بها


ليس عن ضعف وإنما عن رغبة في التحدي وإكتشاف 


المجهول.


والتقطت الرياح رغبة هذه الثمرة وأخذتها في أحضانها  

وراحت تتلاعب بها وتتماوج كقارب صغير في بحر خضم 

هائل الموج, والثمرة غائبة بين النشوى والخوف.

تارة تجد نفسها تطير إلى أعلى وأعلى حتى من أمها 


الشجرة فتشعر بالنشوى, وتارة تجد


نفسها تتهاوى إلى أسفل فتنتابها رجفات خوف تفوق 


رجفات المحتضر. والرياح تحملها


في بطنها وترتحل من مكان إلى أخر,وكأنها حبلى تبحث عن 


مكان آمن تضع فيه حملها.


مرت بوديان وسهول, وقمم جبال ومياه أنهار, ويدالرياح 

تحكم الإمساك بفريستها حتى تصل بها إلى العش الآمن 

والوطن الجديد,والثمرة لم تعد تعرف هل هي في رحلة إلى

غربة موحشة, أم موطن جديد أم تعود إلى موطن قديم.هل 

إلى الحياة أم الموت.

وبدأ صوت الرياح يخفت وبدأت حركتها تسكن وبدت وكأنها 


تخرج آخر أنفاسها أو قطار


قارب الوصول إلى محطته وإفراغ شحنته, بدت وكأنها 

وجدت أخيرا الملاذ الآمن للمولود

الجديد ,وهوت الثمرة وتدثرت بحبات الرمال وراحت تلتقط 


أنفاسها بعد إنتهاء رحلتها,


أو بدايتها بالأحرى, إختبأت بين ذرات الرمال ترتقب وهي 


تتوجس خيفة من الغد وما قد


يأتي به , وراحت في غيبوبة تشبه سكرات الموتى, ولم تعد 

تشعر بما يدور حولها أو من فوق سطح الأرض أعلى ملاذها 

الآمن, لم تعد تشعر بانسلاخ جلدها وخروج أحشائها,

وتآكلت ولم يبق منها إلا بذرتها قلبها النابض, ورقدت البذرة  

في باطن الأرض الأم الحنون ذات الحض الدافئ والملاذ 


الآمن كجنين ينتظرالأمر بالخروج إلى الدنيا,


رقدت وإستكانت ورضيت بحالها ,وهي لا تدري أهو خير حال 


أم أن هناك حال أفضل!


ومرت أوقات لا تعرف كيف تحسبها ولا تدري كيف مرت وإلى 

متى تستمر, وسمعت بطرقات خفيفة فوق سطح الأرض 


تدق ملاذها الأمن, خافت إرتبكت تتسائل من المجهول


القادم وأيريد بها خيرا أم شرا يريد؟ قبعت تترقب, بدأت 

جدران الملاذ تتآكل و تتلاشي شيئا فشيء , إنهار الملاذ  

تحول الخوف إلى رعب من 

المجهول القادم,الذي بدأ يحاصرها يغمرها بشئ لم تعرفه 

ولم تراه من قبل, زاد المجهول القادم من هجومه , 


إستسلمت للأمر فليس أمامها بديل,إنتابها شعورغريب لم 

تعهده من قبل, أحست أن الحياة بدأت تسري في

داخلها من جديد, إنه ماء الحياة , إنه المطرسر الحياة الذي 

يرسله الخالق ليخرج الحي من الميت ويبعث الحياة من 

جديد,بدأت تشعر أنها تكبر وتنمو , ويخرج من أسفلها 

شعيرات تربطها بأمها الأرض كأنها حبل سُري يمدها 

بأسباب الحياة, ويخرج من أعلاها وريقات كأنهاعيون لها ترى 

ولأول مرة سطح الأرض وما عليه,نظرت بعيونها الجديدة 

فرأت كثيرات مثلها, فرحت وكانت تظن أنها وحدها في هذا 

الكون مدت شعيرات جذورها تصافح الرفيقات, لم تعد تشعر 

بالخوف أو الغربة,نمت كبرت وكل يوم تزداد أواصر

المحبة والترابط بينها وبين الرفيقات, أصبحت أشجار 

سامقة لها أوراق وظلال,وثمار

مثل التي نشأت منها ,وبدأت الرياح تعوي من جديد وبدأت 


الأشجار تتراقص من جديد



إنها رحلة أخرى إما لوطن جديد أو العودة للوطن القديم 

فمن يدري


......



محمد ابو الفتح

.........


8/5/2016

اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي