الثلاثاء، 23 فبراير 2016

قصة قصيرة بعنوان الظاهر والباطن = بقلمى يوسف ونيس مجلع ايطاليا بريشيا- -- تحياتي جدو عبدو

بقلمى يوسف ونيس مجلع ايطاليا بريشيا- 
اصدقائى الاحباء من المعروف فى علم النفس الحديث انه عندما نرى شخصا لاول مرة فان انطباع اول سبع ثوانى يحتاج الى وقت طويل لتغيره ان لم تفصل الحقيقة فى الامر وكم نرى اشياء على غير حقيقتها لانه لا يتغير الا غير المتغير سبحانه وتعالى --

قصة قصيرة بعنوان الظاهر والباطن
--
كاد ان يصرخ الملك حكيم من قدماه اللتان يمزقها النقرس ولكن وقاره حالا بينه وبين الصراخ حتى بسمته الخفيفة التى تذيده وقارا لم تفارق شفتيه فكان فى عيون ناظريه الملك القوى والمثل السوى كل ما فعله الملك وهو جالس فى ظل برج المراقبة انه مدد رجليه الى الامام ليخفف من حدة الالم ثم بدا يتامل الطبيعة من حوله فبرج المراقبة فى مكانا ظاهره اية فى الجمال ولكن حقيقته انه ايضا فى غاية الاهمية كموقع استراتيجى للانذار المبكر لاى غزو برى كان او بحرى فهو يقع على تل خفيف الانحدار ينتهى بالبحر من ناحية الغرب اما من الشمال على بعد ميلا تبدا سلسلة الجبال الارجوانية الشاهقة واللتى تحد المملكة من الشمال اما من الجنوب وعلى بعد خمسة اميال تقع مدينة ازدهار العاصمة اما من الشرق حيث يجلس الملك مع وزيره هادى كانت تمتد امامهما الصحراء مترامية الاطراف حتى تصل الى مدينة شطارة وهى مركز التجارة وكان الوزير هادى بسماته الطيبة لاينم عن ما بداخله من حنكة اكتسبها فى معاركه السياسية وخبرة فى ادارة الشئون الملكية -- وبينما هما يتسامران اقبل الامير وسيم ببشاشته و خفة ظله وبحركة بهلوانية قفذ من على حصانه العربى الاصيل فكان من يراه لا يصدق انه فاق مدربيه فى العاب الفروسية – انحنى الامير وسيم وقبل يد اباه وقبل ان يهم بالكلام قال الملك اعلم انك ستقول لى يا مولاى ان كل شىء على ما يرام -- اجلس يا ولدى فانت هدية لى من الله واللتى اشكره عليها فى كل صلاه – جلس الامير بجانب والده واثناء الحديث هب الملك واقفا محملقا فى افق الصحراء وتقدم خطوتان الى الامام وكائن بهما سيرى ابعد مما يرى ووقفا الامير والوزير ليتابعان ما يراه الملك كانت نقطة سوداء تتحرك فى عمق الصحراء وبعد قليل انقسمت الى نقطتان ثم بداتا فى الوضوح انهما رجل يجر حمار يحمل امراه على رائسها طرحة حمراء وكانت المفاجئة حينما اقتربا اكثر انهما 
امراة تجر حمار يحمل رجل --
استفذ المنظر مشاعر الملك و تحفز داخله شىء من الغضب يريد معاقبة هذا الرجل القاسى كيف يريح نفسه ويجعل المراة تسير بجانبه فى هذه الحرارة الشديدة ولكن الملك
كان متعودا التروى فى كل قراراته الصغيرة والكبيرة وبينما هو يفكر كانا قد وصلا
والقت المراة السلام فى عجلة وهى تساعد الرجل حتى اجلسته فى ظل البرج ثم انتصبت فى زهو راضية عن ما فعلت وهنا اقترب الملك من الرجل قائلا ايها الرجل
هل لك تفسيرا لما نراه – ازدرد الرجل ريقه بصعوبة شديدة وهنا اومات له المراة 
بالصمت ثم التفتت الى الملك واحنت رائسها قائلة ان سمحت لى يامولاى ساخبرك 
بكل شىء وكانت لهجتها المهذبة لاتعطى لسامعيها اختيارا للرفض – فنظر الملك لها
بعطف قائلا اجلسى و استريحى اولا يا بنيتى – وكان الامير قد احضر لهما ماء فشربا وساق حمارهما الى مسقى الخيل – وعاد الامير ليجلس بجانب اباه شغوفا لسماع تلك المراة
وهنا قال الملك للمراة هاتى ماعندك يا بنيتى – استهلت المراة حديثها ببيت من الشعر 
مديحا فى الملك فقال الملك معجبا ذيدينى من براع حروفك فقالت المراة يا مولاى
لقد مدحتك وانا صادقة واخاف ان ذدتك اكون منافقة وهنا مال الوزير على اذن الملك
قائلا فى همس يبدو يامولاى انها ربيبة قصور ولكن الملك بنظرته الفاحصة ورؤيته
لملابسها المتواضعة قال للوزير ان الاطلاع والثقافة يثريان النفوس اكثر من القصور
استطردت المراة قائلة يامولاى ان كل الظواهر تشير الى ان زوجى رجلا قاسيا
ولكن الحقيقة انه يحبنى كنفسه وقصتنا اننا من بلاد ما وراء البحر ونعمل بالتجارة 
و لنا زيارة شهرية الى مدينة شطارة ولكن فى هذه المرة لم يكن الحظ حليفنا فاثناء عودتنا من شطارة وبالتحديد عند وادى الصخور خرجت عجلة من عربتنا وكادت
العربة ان تصقط لولا شجاعة زوجى الذى كاد ان يضحى بنفسه لانقاذى من موت محقق ثم اخذ يهدى من روعى وقال لى استريحى حتى اصلح العربة ثم حل الحمار و وضع له بعض الاكل وبدا فى اصلاح العربة ولكن تشاء الاقدار ان تهب رياحا عاتية تدفع العربة الى اسفل الوادى متحطمة وبعد ان هدائت الرياح وجدت زوجى ملقى على الارض لا يستطيع حراك ساقه التى مرت عليها العربة اثناء صقوطها ولكن السماء لم تتخلى عنا فقد وجدت الحمار على مسافة قريبة ولم يهرب اثناء العاصفة وما كان منى الا انى ساعدت زوجى كى يمتطى الحمار واعطيته غطاء راسى ليحميه من الشمس الحارقة وها نحن بين يديك يامولاى – فقال لها الملك احسنت يا بنيتى فانت مثال للمراة التى قال عنها الحكيم امراة فاضلة من يجدها لان ثمنها يفوق الالى -- انحنت المراة شاكرة وهى متجهه نحو زوجها لتعتنى به وهنا قال الملك للامير قول لى ياولدى ماذا استفدت من ما سمعت
رد الامير قائلا هذه القصة تاكد ما تقوله دائما يامولااى ان الامور لا تؤخذ بظاهرها
فقال له الملك اذن ساترك لك التصرف فى شانهما رد الامير سمعا وطاعا يا مولااى ساعطيهم عربه واجعل فارس يصتحبهما حتى ميناء الثغر ليركبا البحر ويعودا الى 
بلادهما فقال الملك بارك الله فيك ياولدى فانت تطمئننى على المملكة من بعدى 
وبينما كان الامير يدعو لابيه بطول العمر قال الرجل ان سمح لى مولاى عندى ما اقول فالتفت له الملك قائلا حمدالله على سلامتك يارجل اراك تحسنت قول ماعندك 
فقال الرجل يامولاى انى سعيد جدا واحمد الله كثيرا رغم كل تلك الاحداث التى تبدو فى ظاهرها قاسية الى انى اؤمن
ان كل ما ياتى به الله فهو لخيرنا لان تلك الاحداث التى تبدو مريرة و رغم انى كنت ساخطا عليها منذ ساعات قليلة هى التى حققت حلما كان يراودنى منذ زمن وهو لقاء جلالتك الذى كان مستحيلا لفقير مثلى لانى يا مولاى لى رجاء عندكم –
ظن الملك ان الرجل سيطلب مساعدة مادية فقال اطلب ماشئت يارجل فقال الرجل 
يا مولاى انى اود اللجوء الى مملكتكم لان بلادنا يعز عليا ان اقول انها متخلفة وليس بها دستورا يحمى
الضعيف والمراة والطفل فالضعيف لا حقوق له والطفل يعمل ولا ينعم بطفولته
والمراة تعد شيئا من متاع الرجل لدرجة ان لو مات الرجل تدفن معه زوجته حية –
تاثر الملك بما سمع واشفق على الرجل وقال له لك ما ترغب على الرحب والسعة
ومرت على تلك الاحداث عشرة سنوات فيها توفى الملك الى رحمة الله ونصب الامير
وسيم ملكا وتشاء الاقدار ان الملك وسيم يكون فى نفس المكان فى ظل برج المراقبة
ويرى نقطة فى الصحراء تنقسم الى اثنتان ثم تلتحم ثم تنقسم وتكرر المنظر ولما اقتربا بعض الشىء كانا امراة على عربة محملة بالبضائع يجرها حصان وفتى يقرب من العشرة سنوات يسير عارى القدمين على الرمال تارة ويركب العربة تارة وتعجب الملك لسير الفتى على الرمال
ولما وصلا عرف الملك المراة على الفور انها نفس المراة التى راها منذعشرة سنوات
لان جمالها الروحى وجاذبيتها كانا من النوع الذى يحفر فى الذاكرة – 
طوت المراة لجام الحصان على مسند العربة ونزلت واصتحبت ابنها الى الملك وانحنت وهى تلقى السلام فرد عليها الملك مبتسما ثم قال انى واثق ان عندك تفسير لكل شىء قالت المراة مبتسمة اعلم ما يدور بفكر مولاى الامر ببساطة شديدة ان كبار تجار العاصمة ازدهار يجتمعون اليوم مع الوزير لتحديد الاسعار حتى يقطعوا الطريق على جشع التجار ولان زوجى شريك فى الاجتماع فكان عليا التسوق من مدينة شطارة
اما عن ابنى وقرة عينى فهو مصاب بسطحية القدم وقد نصح الطبيب بان يسير عارى القدمين على ارض غير مستوية حتى تقوى عضلات القوص فى باطن القدم وليس انسب من الرمال يامولاى 
وهنا قال الملك فى نفسه رحمك الله يابى لن انسى قولك
الذهب لو اتغبر برضو غالى ------ والصفيح لو اتلمع برضو رخيص
والاصيل اصيل لو ثوبه بالى --- والخسيس مهما اتقمع برضو خسيس
يا شغوف تميل للمظهر الجمالى ---- دا معروف فى المحار لؤلؤ نفيس
لا اللى بيضحك من الهموم خالى ---- ولا المهموم خالى من التهييص
متحكمش على الظاهر طوالى ------- الحقيقة عايزة فحص وتمحيص
بقلمى يوسف ونيس مجلع
اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي