خطبة الجمعة الرابعة من شهر رجب 1436 هـ
مسجد عرب جهينة – طريق قليوب – أبي زعبل
القليوبية – مصر
------------------------------------------------------------------------
الموضوع : تكملة جهاد النفس أعظم درجات الجهاد
العناصر : أساس خلق الله للبشر هو رحمتهم وإسعادهم في الدنيا
والآخرة الا من رحم ربك ولذلك خلقهم - عبادته اول طريق مجاهدة النفس – العلم بأن من
عبادته معرفة طريق النبي لانه طريق الهداية - سنته اى طريقه وهى أقسام نلخصها في اثنين
المستحب والواجب – الجهاد الدعوى قسمان فرض عين على كل مسلم والثانى فرض كفاية – من
ترك جهاد نفسه مال للشهوات والمعاصي – التذكرة
الخطبة الأولى :
========
الحمد والثناء : : الحمد لله – حمدا يليق بذاته ... حمدا يليق
بجلاله ... نحمده حمد الذاكرين ... نحمده حمد الشاكرين حمدا كثيرا طيبا طاهرا مباركا فيه ملء السماوات
وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد ، وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له .. له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير فقال
تعالى:
﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ
قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ
الْمُسْلِمِينَ ﴾
[ سورة فصلت]
وأشهد أن محمدا
عبد الله ورسوله وصفيه من صفوة خلقه وحبيبه إصطقاه للرسالة فنشهد أنه بلغها وأدى
الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة وجاهد فى سبيل الله حتى أتاه اليقين .. فصلوات ربى وتسليماته عليه وعلى آله وصحبه
وسلم قال:
(( إنما بعثت معلماً))
((إنما
بعثت لأتمم صالح الأخلاق
))
أما بعد ، أيها
المسلم الكريم : الله عز وجل خلق الإنسان ليسعده في الدنيا والآخرة، أو خلق الإنسان
ليرحمه، والدليل قوله تعالي
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ
خَلَقَهُمْ ﴾
[ سورة هود الآية: 119]
فالله عز وجل خلقنا ليرحمنا، وخلقنا
ليسعدنا في الدنيا والآخرة، فالذين شردوا عن الله، وغفلوا عنه، واتبعوا شهواتهم،
هم في طريق شقاءهم وهلاكهم والحقيقة من أولى
معاني الجهاد جهاد النفس والهوى، لأن بعض الصحابة الكرام حينما رجع من الحرب قال:
"رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر"، جهاد النفس والهوى، لأن
الذي ينهزم أمام نفسه لا يستطيع أن يواجه نملة، فلابد بادئ ذي بدء من أن تنتصر على
نفسك، أن تنتصر عليها بأن تحملها على طاعة الله، فالنفس نزاعة إلى المتعة، نزاعة
إلى الشهوة، نزاعة إلى التفلت، نزاعة إلى حرية تتوهمها مسعدة ، نزاعة إلى أن تعيش
كما تتمنى، يأتي منهج الله عز وجل يضبطها، هناك أشياء مباحة، وأشياء محرمة، وأشياء
مكروهة، وأشياء مستحبة، أنت أمام دائرة كبيرة، هذه الدائرة الكبيرة ما بعدها هو
الحرام ، أما الحلال فأنواع ، هناك فرض، وسنة مؤكدة ، وسنة، ومستحب، فهناك منهج
دقيق لهذا الإنسان، الإنسان لأنه أعقد آلة في الكون، ولهذه الآلة بالغة التعقيد
إله، وتعقيدها تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز، لهذه الآلة المعجزة صانع عظيم، وخالق
حكيم، وهذا الصانع العظيم له تعليمات التشغيل والصيانة، إنها كتابنا، وسنة نبينا
عليه الصلاة والسلام، فلابد للإنسان الذي يبغي سلامته وسعادته من أن يتبع منهج
خالقه، منهج صانعه، ودائماً وأبداً الصانع هو الجهة الوحيدة الخبيرة بأسباب سلامة
هذه الآلة وأدائها الأداء الأكمل، والله عز وجل يقول:
﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾
فغض
بصرك عن محارم الله هذا نوع من الجهاد، أن تنطق بالحق ولا تكذب نوع من الجهاد، أن
تأخذ ما لك وأن تدع ما ليس لك نوع من الجهاد، جهاد النفس والهوى هو أساس الجهاد.
كيف أن في التعليم هناك تعليم أساسي، وهناك تعليم ثانوي، وهناك تعليم جامعي، وهناك دراسات عليا، وهناك دكتوراه، هذه مراتب، أما الشيء الأساسي فمن الصف الأول حتى التاسع في بعض البلاد، هذا التعليم الأساسي.
فالجهاد جهاد النفس والهوى هو الجهاد الأساسي، والمهزوم أمام نفسه لا يستطيع أن يواجه نملة.
كيف أن في التعليم هناك تعليم أساسي، وهناك تعليم ثانوي، وهناك تعليم جامعي، وهناك دراسات عليا، وهناك دكتوراه، هذه مراتب، أما الشيء الأساسي فمن الصف الأول حتى التاسع في بعض البلاد، هذا التعليم الأساسي.
فالجهاد جهاد النفس والهوى هو الجهاد الأساسي، والمهزوم أمام نفسه لا يستطيع أن يواجه نملة.
ونحن يغلب على ظننا أن
الجهاد الدعوي من اختصاص العلماء والدعاة الكبار، هذا خطأ كبير، الدعوة إلى الله
فرض عين على كل مسلم، فرض عين، لكن الدعوة إلى الله مع التفرغ، والتعمق، والتبحر
فرض كفاية، إذا قام بها البعض سقطت عن الكل، هناك أشخاص تفرغوا في دراستهم، وفي
اختصاصهم لمعرفة هذا الدين العظيم، كتاباً، وسنة، وفقهاً، وأحكاماً، وسيرة، هذا
الجهاد الدعوي الذي أساسه التفرغ التام، والتعمق، والتبحر، فرض كفاية إذا قام به
البعض سقط عن الكل، أما الجهاد الدعوي كفرض عين فكل إنسان كائن من كان عليه أن
يجاهد جهاداً دعوياً، والدليل:
((
بلِّغُوا عني ولو آية
))
[أخرجه البخاري والترمذي
عن عبد الله بن عمرو بن العاص]
والدليل قوله:
﴿
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ
إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾
فالذي لا يدعو إلى الله بعيد بعداً كبيراً عن
منهج الله عز وجل،
﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ
عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾
[ سورة يوسف الآية: 108]
فالذي لا يدعو إلى الله
على بصيرة، وكتعليق على كلام بصيرة، أي بالدليل والتعليل، خذوا الكتاب بقوة
واذكروا ما في من حكمة، فالدليل من كتاب الله، ومن سنة رسول الله، أو من إجماع
المسلمين، فالدعوة إلى الله بالدليل والتعليل،
﴿
قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ﴾
بالدليل والتعليل،
﴿
أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾
فالذي لا يدعو إلى الله
على بصيرة ليس متبعاً لرسول الله، وبالتالي ليس محباً لله:
﴿
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾
[ سورة آل عمران الآية:
31]
فتنطلق من محبتك لله
باتباع رسول الله، ومن منهج النبي الكريم أنه دعا إلى الله، فالدعوة إلى الله كفرض
عين في حدود ما تعلم ومع من تعرف، فهذا الذي حضر درس علم في مسجد، واستمع إلى
تفسير آية، وتأثر بها تأثراً بالغاً، عليه أن ينقلها إلى أهله، إلى أولاده، إلى
جيرانه، إلى أصدقائه، طوال هذا الأسبوع حضر خطبة، تأثر بقصة عن صحابة رسول الله،
هذه القصة ينقلها.
((بلِّغُوا عني ولو آية
))
[أخرجه البخاري والترمذي
عن عبد الله بن عمرو بن العاص]
فالدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم، في حدود
ما يعلم، ومع من يعرف، إذاً أن تقول: لا علاقة لي بالدعوة، أنا مسلم، هذه مهمة
الدعاة الكبار، لا، أنت كمسلم يجب أن تكون داعية بنقل حديث لرسول الله، نقل معنى
آية فهمتها، وتعمقت بها.
إذاً هناك دعوة تعد فرض عين على كل مسلم، وهذا الجهاد سنسميه الجهاد الدعوي أول جهاد جهاد النفس والهوى، أن تضبط أهواءك وفق منهج الله.
إذاً هناك دعوة تعد فرض عين على كل مسلم، وهذا الجهاد سنسميه الجهاد الدعوي أول جهاد جهاد النفس والهوى، أن تضبط أهواءك وفق منهج الله.
بالمناسبة: ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناة
نظيفة تسري خلالها بالإسلام لا يوجد حرمان، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا
جعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، فالإنسان يجاهد أولاً نفسه وهواه، هذا جهاد النفس
والهوى، هو الجهاد الأساسي، هذا الجهاد هو فرض عين على كل مسلم، لأن هناك نفس لها
شهوات، فالإنسان إذا ترك جهاد نفسه يميل للشهوات، والشهوات معظمها في المعاصي
والآثام، يميل إلى التفلت، إلى ترك الطاعات، إلى ترك الفرائض، إلى أن يتكلم ما
يشاء، أن يلتقي مع من يشاء، أن يطلق بصره في الحرام، هذا كله من صفات الإنسان
العادي، فالإنسان إن لم يجاهد نفسه وهواه، إن لم يضبط مشاعره، وحواسه، وأعماله،
ويده، ومسيرته، فهو في مشكلة كبيرة جداً.
فالجهاد
الأول هو جهاد النفس والهوى، والجهاد الثاني: الجهاد الدعوي، أن تطلب العلم من
أنت؟ أنت المخلوق الأول، كيف تعلم أنك المخلوق الأول؟ كيف تعلم أنك مكلف أن تعبد
الله؟ كيف تعلم أنك مخلوق للجنة؟ كيف تعلم أن هذه الدنيا:
((دار التواء لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم
يفرح لرخاء ولم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل
بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سبباً، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً، فيأخذ
ليعطي، ويبتلي ليجزي))
الخطبة الثانية :
==========
كيف تعلم من أنت؟ أنت
المخلوق الأول، أنت مكلف أن تعبد الله، فالإنسان يأتي إلى الدنيا وينغمس في
ملذاتها، وشهواتها، بل ينغمس في العمل، ويتقن عمله، وينال أرباحاً طائلة، فإذا وصل
إلى قمة نجاحه يأتي ملك الموت، هذه مفاجأة كبيرة جداً، لذلك البطولة لا أن تعيش
الماضي، ولا أن تعيش الحاضر، بل أن تعيش المستقبل، وأخطر حدث في المستقبل مغادرة
الدنيا، ماذا أعددت لهذه الساعة؟ من بيت فخم، من غرف متعددة، من زوجة، من أولاد،
من أصهار، من بنات، من مركبة فارهة، من سفر، من نزهة، من سياحة، من ولائم إلى قبر،
نقلة مخيفة جداً، من كل شيء وفيما يبدو للعين إلى لا شيء، ماذا أعددنا لهذه
الساعة؟
مرة ثانية: بطولة الإنسان أن يعيش المستقبل لا أن يعيش الماضي والحاضر، هناك حدث خطير جداً هو مغادرة الدنيا.
أنت حينما تقرأ النعوات، النعوات على جدران الطرق، تقرأ هذه العبارة: وسيشيع إلى مثواه الأخير، معنى ذلك أن البيت مثوى مؤقت، مهما كان فخماً، مهما كان واسعاً، مهما كان غالي الثمن، مثوى مؤقت، البيت الحقيقي هو تحت الأرض لا فوق الأرض، ماذا تحت الأرض؟ فالذكاء، والبطولة، والتوفيق، والحكمة، أن تعيش المستقبل، وأن تعيش أخطر حدث في المستقبل وهو مغادرة الدنيا.
لذلك ينطلق الجهاد إلى الإيمان بالموت، الموت لا أحد ينكره، لكن لا أحد يعيشه، أن تعيش الموت شيئاً وأن تقر به شيئاً آخر، أن تعيش الموت، ماذا في القبر؟ ماذا ينفعني في القبر؟ مهما زينت بيتك، وهذه التزيينات وإن كانت ليست محرمة، مباحة، لكن لا تنفعك في القبر، مهما بالغت في أناقتك، هذه لا تنفعك بالقبر، ينفعك في القبر شيء واحد هو عمل صالح مخلص، لذلك:
مرة ثانية: بطولة الإنسان أن يعيش المستقبل لا أن يعيش الماضي والحاضر، هناك حدث خطير جداً هو مغادرة الدنيا.
أنت حينما تقرأ النعوات، النعوات على جدران الطرق، تقرأ هذه العبارة: وسيشيع إلى مثواه الأخير، معنى ذلك أن البيت مثوى مؤقت، مهما كان فخماً، مهما كان واسعاً، مهما كان غالي الثمن، مثوى مؤقت، البيت الحقيقي هو تحت الأرض لا فوق الأرض، ماذا تحت الأرض؟ فالذكاء، والبطولة، والتوفيق، والحكمة، أن تعيش المستقبل، وأن تعيش أخطر حدث في المستقبل وهو مغادرة الدنيا.
لذلك ينطلق الجهاد إلى الإيمان بالموت، الموت لا أحد ينكره، لكن لا أحد يعيشه، أن تعيش الموت شيئاً وأن تقر به شيئاً آخر، أن تعيش الموت، ماذا في القبر؟ ماذا ينفعني في القبر؟ مهما زينت بيتك، وهذه التزيينات وإن كانت ليست محرمة، مباحة، لكن لا تنفعك في القبر، مهما بالغت في أناقتك، هذه لا تنفعك بالقبر، ينفعك في القبر شيء واحد هو عمل صالح مخلص، لذلك:
﴿ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ ﴾
[ سورة النمل الآية: 19]
العمل الصالح الذي يرضي الله عز وجل ما كان
خالصاً وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وصواباً ما وافق السنة.
عباد الله اتقوا
الله حق تقاته ولا تموتن لا وأنتم مسلمون
التذكرة بالعمل للمستقبل وفق هدي النبي - الدعاء – اقم الصلاة
===================================
تحياتي : فضيلة الشيخ : عبد الرحمن عبد
العزيز – مدرس بالأزهر الشريف – عضو لجنة الوعظ والإرشاد بالمطرية القاهرة –
دراسات عليا في علوم التربية والدراسات الإسلامية -
0 التعليقات :
إرسال تعليق