الجمعة، 22 يوليو 2016

التقرب إلى الله : تأملات في آية أو حديث : الكاتب : عبد الرحمن عبد العزيز -- تحياتي جدو عبدو


تأملات في آية أو حديث : الكاتب : عبد الرحمن عبد العزيز 
=============================
التقرب إلى الله :
=====

روى البخاري (6502) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ قَالَ : مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ) .

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي الأمي المصطفى محمد وآله وصحبه ومن تبعه واقتدى. وبعد 
من أهم الأسئلة التي وردت إليّ هذا السؤال - كيف أتقرب إالى الله تعالى ؟
وفي حقيقة الأمر نظرت إلى السؤال بعمق الفاظه فوجدتنى أتفحص حروفه كيف أتقرب إلى الله ؟ إذاً تحركت الفطرة التي فطر الله الناس عليها بداخله فعلم أن له ربا هو الله وتحركت أسرار الخلق فيه فأرادت مطابقة الأصل الذي خلق الله عليه جميع الخلائق وهو معرفة خالقهم وهو سر يغفل عنه الملاحدة إما بتأثر من الشيطان أو النفس أو الهوى 
والقوى الثلاثة تعمل جاهدة لاخراج المخلوق عن طاعته للخالق لاخراج العبد عن استسلامه لاوامر ربه ونواهيه ولاخراجه عن حقيقة وجوده وهي عبادة الله وحده حسب الإقرار الأول ألست بربكم قالوا بلى شهدنا 
ولبيان هذه الحقيقة نظرت إلى حديث النبي محمد - صلى الله عليه وسلم " كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " فاتضح بجلاء أن العبد بداخله علم زرع فيه من الله لمعرفته وعبادته ولكن المؤثرات الثلاث هي التى تخرجه عن أصله 

وأعتقد أن هذا هو سبب وجود المؤمن والكافر وسبب وجود الطاعة والمعصية وسبب وجود الجنة والنار 
فحمدت الله تعالى أنه فى الوقت الذي كثر فيه السفه البشري وكثر فيه الإلحاد والدعوة إليه وعلا صوت الباطل في بقاع الأرض في هذا الوقت وجدنا من يريد الطريق للتقرب إلى الله وجدنا من يريد انقاذ نفسه من الحيرة المدمرة لما زرعه شياطين الإنس والجن باستخدام كل أدوات التزيين لجذب العبد إلى سوق الكفر والحيرة المهلكة لما يراه من شدة الفتن في كل ما حوله حتى أصبح الحرام وحلالا والحلال حراما والمؤمن كافر والكافر مؤمن والمنافق على صواب والصادق على خطأ حتى رأينا المعروف منكرا والمنكر معروف وحتى رأينا الزنا فى الطرقات والشرفات والشاشات وحتى رأينا الفسق يقود والرقص فن وله علومه والخمر مشروبات روحية ورأينا قطع الليل المظلم في وسط النهار 

حمدت الله أنه في هذا التوقيت رأينا ممن يسارع في التقرب إلى الله فيعلن بعض اليهود حاجتهم إلى الإسلام ويدخل بعض النصارى طواعية فيه 

فوجدتني أكبر وأهلل من داخلي وأذكر حديث خاتم الأنبياء والمرسلين محمد " ليبلغن أمر هذا الدين ما بلغ الليل والنهار بعز عزيز أو بذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر "عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يَقُولُ : " لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الدِّينُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، وَلا يَتْرُكُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْتَ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ ، عِزٌّ يُعِزُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ الإِسْلامَ ، أَوْ ذُلٌّ يُذِلُّ بِهِ الْكُفْرَ " . فَكَانَ تَمِيمٌ , يَقُولُ : لَقَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ، لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمُ الْخَيْرَ وَالشَّرَفَ وَالْعِزَّ ، وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ كَافِرًا الذُّلَّ وَالصَّغَارَ وَالْجِزْيَةَ .

والإجابة على السؤال تستوجب مني الحديث عنه بهدوء فقد قال علماؤنا مستدلين بكلام ابن رجب الحنبلي : يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله من كتابه "جامع العلوم والحكم" : "فَقَسَّم أولياءه المقربين قسمين : أحدهما : من تقرب إليه بأداء الفرائض ، ويشمل ذلك فعل الواجبات ، وترك المحرمات ، لأن ذلك كله من فرائض الله التي افترضها على عباده . والثاني : من تقرب إليه بعد الفرائض بالنوافل" انتهى.
فالمسلم عليه أن يجاهد نفسه أولا للقيام بالفرائض التي افترضها الله عليه ، كالصلوات الخمس، وهي أعظم الفرائض العملية ، وأداء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت إن كان مستطيعا ، وكذا باقي الفرائض العملية الأخرى كبر الوالدين ، وصلة الأرحام ، وأداء حق الزوجة ، والأبناء ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فيما يقدر عليه ، ونحو ذلك من العبادات الجليلة التي لا تزيده من الله إلا قربا ، وكذا العبادات القلبية من الإخلاص لله تعالى وحبه ، وحب رسوله وشرعه وحب المؤمنين والتوكل على الله والخوف منه إلى غير ذلك من عبادات القلب المفروضة عليه . 
وعليه أن يجاهد نفسه أيضا للقيام بحق الله تعالى في النوع الثاني من الفرائض ، وهي فرائض الترك ، أي : التي فرض الله علينا فيها الترك ، كترك الزنى ، والربا وشرب الخمر والسرقة والظلم والغيبة والنميمة إلى غير ذلك من المحرمات ، فإذا فعل شيئا من ذلك بادر بالتوبة والإصلاح . 
وهو في كل ذلك محتاج إلى العلم الشرعي ليعبد الله على بصيرة . 
ثم ينبغي للمؤمن بعد ذلك أن يكثر من نوافل الأعمال ، فإنه بها ينال الدرجة الرفيعة عند الله ، ويحصل بذلك محبة الله تعالى كما سبق في الحديث . 
وهذه النوافل كثيرة ينبغي للمسلم أن يبدأ بالأهم فالأهم منها ، وأفضلها وأجلها تعلم العلم الشرعي وتعليمه للناس .
ومن ذلك : النوافل المؤكدة من الصلوات كالرواتب وقيام الليل وصلاة الوتر .
وكذا الإكثار من ذكر الله تعالى والصدقات ، ومما يعين المسلم على القيام بهذا أن يرتب ساعات يومه وليلته فيجعل للفريضة وقتها وللنافلة وقتها ويستعين على ذلك بمجالسة الصالحين والأخيار . وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى .
اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي